Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرادار شعار

 

2025-08-12

 

الرادار:  وحدة الدولة ووحدة الأمة قضية حياة أو موت عند كل الشعوب بقلم الأستاذ/يعقوب ابراهيم (ابوابراهيم)



بقلم الأستاذ/يعقوب ابراهيم (ابوابراهيم)


للحفاظ على وحدة أي دولة يتخذ أهلها إجراءً واحداً هو الحياة من أجلها، أو الموت دونها.


فقد اتخذت أمريكا، إبان تمرد جنوبها إجراءات صارمة، فشنّت حربًا لا هوادة فيها، بلغ عدد القتلى فيها أكثر من ستمائة ألف، وكل ذلك لمنع إنفصال ولايات الجنوب الأمريكي.


وكذلك وقفت بريطانيا في وجه انفصال ايرلندا الشمالية، ولا تزال لندن تؤكد على الوضعية الدستورية لأيرلندا الشمالية كجزء لا يتجزأ من أراضي المملكة المتحدة، وكذا إسبانيا، وغيرها من الدول، تقف بصلابة في وجه انفصال أي جزء منها، وهذا هو الموقف الصحيح الذي ينبغي أن تتخذه الدول التي تحترم نفسها، وتحترم شعبها.


ولما كان الإنفصال بهذا المستوى من الخطورة، كان السعي إليه يتطلب توفّر عناصر رئيسية، منها:


1/ خلق قضية مظالم عبر حكومات عميلة تهمل المواطنين، وتمارس فيهم أبشع أنواع الظلم. فيتمرد البعض ويلتف حوله الجماهير المظلومة.


2/ وجود عملاء في الداخل، لديهم الاستعداد للقيام بهذا الدور القذر، يخدعون الجمهور عن جهل فيُساقون لتنفيذ المخطط دون وعي ولا إدراك.


3/ العنصر الخارجي، الذي يدير العملية برمتها إعلاميًا، وعسكريًا، وسياسيًا، ويسخّر الدول الإقليمية الوظيفية، لخدمة هذا المشروع حتى يُنفّذ بالكامل.


وهذا بالضبط ما جرى في عملية فصل جنوب السودان، فقد أقر الرئيس البشير، بأن أمريكا هي التي وقفت وراء فصل الجنوب، ومن غبائه، أنه هو نفسه من نفّذ ذلك المخطط!


وهذه المؤامرة تُعدّ لها اليوم في دارفور، بخطوات مرتبة تم التحضير لها بعناية فائقة حتى لا يُكشف ويُجابه بالرفض.


فقد تم إعداد الدعم السريع، ماليًا، وعسكريًا، وتدريبًا، وتسليحًا، حتى وصلت إلى الخرطوم عقب الحراك الذي أسقط البشير، وتموضعت في مفاصل الدولة كلها، لتصبح جيشًا موازيًا يمسك بتلابيب الدولة، ومشاركاً رئيسياً في السلطة بدلًا من أن يكون مساندًا لها. وتم كل ذلك تحت سمع وبصر، بل بدعم مباشر من قيادة الجيش، وكان برلمان البشير قد أقر به دستورياً، رغم التحذيرات الاستخباراتية، ورغم اعتراض رتب رفيعة داخل المؤسسة العسكرية.


ثم افتعل الجنرالات هذه الحرب اللعينة التي قُتل فيها مئات الآلاف، ودُمرت البنى التحتية للدولة، وشُرّد الملايين، وتوسّعت سيطرة الدعم السريع على الولايات المجاورة، حيث مارست أبشع أنواع الاضطهاد ضد المواطنين، وهذا هو الحال الآن في كردفان، بالرغم وجود جيوش جرارة في الأبيض، حيث يتعرض المواطنون في شمالها، وغربها لأبشع الجرائم اللا إنسانية.


وقد سبق ذلك انسحاب الجيش من أربع عواصم في ولايات دارفور، لصالح الدعم السريع، دون مقاومة تُذكر.


أدار الجنرالين (البرهان وحميدتي) هذه الحرب بشكل خلق شرخًا عميقًا، وعداءً متناميًا بين أبناء البلد الواحد، وكان ذلك هدفًا مقصودًا، ومحطة رئيسية في طريق الإنفصال. ثم جاءت “حكومة التأسيس” لتكون إشارة أقوى بأننا نقترب من المحطة النهائية.


والآن يتصاعد الحديث عن فصل دارفور، وهو نوع من تهيئة الرأي العام لقبول هذا العمل الإجرامي، الذي يهدد وحدة البلد وربما يهدد بوجود دولة اسمها السودان.


وبخاصة أن أمريكا قد برزت منذ اللحظة الأولى للحرب، باعتبارها الراعي الرئيسي لها، حيث أعلنت أن الحل السياسي عبر التفاوض هو السبيل الوحيد، وجيّشت الدول الإقليمية، وما تزال تمسك بكل خيوط اللعبة، فتُقيم المؤتمرات، أو تلغيها متى شاءت، وتُحدد الأطراف، بل والأجندة، والمكان، والزمان والبيان الختامي. وهي تتنظر سقوط الفاشر، لبدء الإجراءات العملية للانفصال، فإذا لم تسقط الفاشر، فلا تبالي أمريكا بترتيب إعلان انفصال دارفور التي أُعِدت لها حكومتها، وتنتظر الإشارة من أمريكا لإعلان انفصالها.

 

 

المصدر: الرادار

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.